خياط الفراش
الجزء الحادي عشر
قبلة فلقاء
اللقاء و القبلة على الخذ سحرت فاطمة و سرحت بها في كل مكان و في كل مرة تمسح خذها كانما تخاف أن تظهر طبعة القبلة على الخذ كعلامة.. أحست كانما العالم كله شاهده و هي تقبل على خذها فجعلها الأمر غير قادرة حتى على الوقوف في حين أن مشاعرها تتلبد كالغيوم حينا فترى أمامها وجوه إخوتها و جيرانها و مدى الإستنكار الذي ستتلقاه فتكاد تذوب في ثيابها و حينا تترأى لها صورته و كلامه و قبلته فيكاد قلبها يطير فرحا و لكنها بكل تأكيد لن تغيب عن الموعد الذي حدده لها حتى لو كان ذلك اخر يوم في حياتها...
قلب فاطمة لا يكف عن الخفقان بأعلى سرعة كما لو كانت ستذهب لدفن جثة قتيل، جالسة أمام مراتها المتوسطة و تأخذ ساعة كاملة تضع فيها أحلى طلة لها و فجأة تسرع و تمسح كل ما وضعته على وجهها مخافة أن يراها أحد.. و بدا الأمر لها كما لو كانت نادمة على قبول الموعد، في حين الامر الوحيد الذي كان يطمئنها قليلا هو أن خولة السريعة البديهة لا توجد فط المنزل و كذا هناء التي بدأت تنتقدها كثيرا في الاوانة الأخيرة.. في حين أن ميساء لا تعير الإهتمام للتفاصيل اما مها فغارقة تماما في عالمها..
اخيرا إرتدت فاطمة جلبابها و خرجت مهرولة و هي تطلب من الله في سرها آلا يلتقي بها أي احد من جيرانها و تسارع الخطى و ركبت سيارة أجرة بإتجاه الكورنيش و هناك مرة أخرى ركبت سيارة تاكسي صغير و إتجهت نحو المكان الذي يسمى بساحة بئر إنزران و لم تكد تقف هناك حتى ظهر لها قادما بإتجاهها.. من بعيد يبدو أشبه بوزير.. هكذا ضحكت حينما تذكرت وصف إبنتها هناء له.. يمشي بمهل و ثبات حتى وصل بقربها و إبتسم في وجهها مباشرة و هو يقول :
- الحمد لله أنك جئت.. كنت أظنك لن تأتي
فترد عليه فاطمة خجولة و تقول و هي تتحاشى النظر في عينيه مباشرة :
- الحقيقة أنه لوهلة فكرت في أن لا تأتي
و تضيف بلهجة بها حزم و صرامة :
- أنا إمرأة مسؤولة و ربة بيت و لم يسبق لي يوما أن خرجت مع أحدهم و لا كلمت أحدا
و سكتت كما لو كان هناك شخص ما يعاتبها على خروجها معه،فإذا به هو ينفجر ضحكا و يقول :
- يا إلاهي لقد عادت فاطمة التي قابلتها لأول مرة و - قهقه- و زاد قائلا :
- لماذا انت عصبية الان يا لالة فاطمة.. بالكاد أستمتع بضحكتك الجميلة و إذا بالجن العسكري الذي يسكنك بدا يظهر ثانية
فقطبت جبنيها و تنظر له بحاجب مرفوع و الأخر منخفض، فيزيد من الضحك و يمسكها من يدها و يتمشى و هي تقول له و بالكاد تخفي فرحتها :
- يا مجنون أطلق يدي
فيجيب بكل ثقة :
- لا يا سيدي، فأنت معتقل الأن و تهمتك : سحر السي حميد بجمالك و شخصيتك
فإذا بها هي الأخرى تنفجر ضاحكا، و هما يمشيان على طول كورنيش أكادير الجميل
بقي يمشيان لمدة طويلة و بموازاة البحر و يخطفان النظران لبعضهما و يضحكان و يتكلمان كثيرا كمراهقين هربا من الثانوية و يسرقان لحظات من الحب و العشق الممنوع...
تعليقات
إرسال تعليق